الجمعة، 25 نوفمبر 2011

كتاب جدد حياتك ... للإمام العلامة محمد الغزالي رحمه الله


ولد الشيخ محمد الغزالي أحمد السقا في 5 ذي الحجة سنة 1335 هـ ، الموافق 22 من سبتمبر 1917م،  في قرية "نكلا العنب" التابعة لمحافظة البحيرة بمصر، وسمّاه والده "بمحمد الغزالي" تيمنًا بالعالم الكبير أبو حامد الغزالي المتوفي في جمادى الآخرة 505هـ. ما شدني في المعلومة أن اسمه واسم  والده مركب فهو محمد الغزالي ووالده أحمد السقا.


من أجمل كتبه الشيخ  كتاب جدد حياتك ..... قرأته في السجن أول مرة وكانت في عام 2003 كان له طعم خاص وخصوصا في التعامل مع الاخرين وتخفيف المصائب فالكتاب مهما قيل فيه لن يكفيه حقه.


عبارة شدتني وقتها
 حيث قال:  لا أدري لماذا لا يطيرُ العباد إلى ربهم على أجنحة من شوق بدل أن يساقوا إليه بسياط من الرهبة؟!.


ولن انتظر كثيرا في شوقي ونهمي للكتاب فثمرته قد التقمها قلبي على ضفاف الفكر اليقظ والتحسر على الماضي الفاشل، والبكاء المجهد على ما وقع فيه من آلام و هزائم هو في نظر الإسلام بعض مظاهر الكفر بالله والسّخط على قدره.

وخاطبني الغزالي ان أرضى بقدر الله قائلا لي: لو أنَّ أحداً ملك الدنيا كلّها ما استطاع أن ينام إلاّ على سرير واحد، وما وسعه أن يأكل أكثر من ثلاث وجبات في اليوم!.

وما زادني همة إذ خاطب قلبي فلم أجد للعقل من فكر سوى أن أضع كلامه في بوتقة الفكر النير
فقال لي: إذا كان العمل رسالة الأحياء، فإن العاطلين موتى.


وآلمتني الهموم ووخزتني كثيرا فمسح على رأسي وكأني اليتيم قد كفله الغزالي بكلمته الرائدة:
إنّ وخزات الأحداثِ قد تكون إيقاظاً للإيمان الغاف، و رجعة بالإنسان إلى الله.


وقد غضبت مرات ومرات فواساني وقال لي مشفقا حريصا:
إنَّ الغضب: مسٌّ يسري في النفس كما تسري الكهرباء في البدن. قد يُنشئ رعدة شاملة، واضطراباً مذهلاً، وقد يشتد التيار فيصعق صاحبه ويقضي عليه.
والغريب أننا نعيش في صحراء الفكر ونحن المسلمون أولى بذلك.
تنفست الصعداء فقطرت من عينه دمعة على واقعنا وأكمل:
إنّ الانحطاطَ الفكريَّ في البلاد المحسوبة على الإسلام يثيرُ اللوعة، واليقظة العقلية في الأقطار الأخرى تثير الدهشة.


وشكوت إليه يوما عن تصرفات بعض الناس وتصرفاتهم السيئة في التعامل ... فهمس في أذني:
وظيفة الدّين بين الناس: أن يضبط مسالكهم وعلائقهم على أسسٍ من الحق والقسط حتى يحيوا في هذه الدنيا حياة لا جور فيها ولا جهل.


وقال زائدا على كلامه: يا بني ... الدين للإنسان كالغذاء لبدنه ضرورة لوجوده ومتعة لحواسه.


فقلت له كيف لنا أن نتخلص من واقعنا المرير فهو رأسه وقال:
إنّ تجديد الحياة لا يعني إدخال بعض الأعمال الصالحة أو النيات الحسنة وسط جملةٍ ضخمة من العادات الذميمة والأخلاق السيئة، فهذا الخلط لا ينشئُ به المرء مستقبلاً حميداً، ولا مسلكاً مجيدا.


ولكن يا شيخنا قل لي بربك عن أولئك الذين يبتعدون عن دين الله ما رأيك بهم. فقال :
إنّ البعد عن الله لن يثمر إلا علقما، ومواهب الذكاء والقوة والجمال والمعرفة تتحول كلها إلى نقم و مصائب عندما تتعرى عن توفيق الله، وتُحرم من بركته.


قلت إليه باكيا يا شخينا لم البعض حينما تذكرهم بالحقيقة لا ينصفونك فقال لي يا محمود :
لا أعرفُ مظلوماً تواطأ الناس على هضمه، وزهدوا في إنصافه كالحقيقة.


ولكن يا محمود لا بد أن أذكرك ونفسي بشيء هام وأفاض بقوله الرائع:
إذا أمرتَ بالخير فافعله أولاً، وإذا نهيت عن الشرّ فاسبق إلى البعد عنه.


ولتعلم يا بني ولتحرص على ما أنصحك به: اجتهد ألاّ تسلك طريق ضلالة، فإذا سلكته – تحت أي ضغط أو إغراء – فاجتهد ألا توغل فيه، وعُد من حيث جئت في أقرب فرصة، وفي أسرع وقت.
ولتعلم يا بني: إن أولى هدايا الرياء إلى ذويه: أنهم يسلبون نعمة القرار، وراحة البال. وأنّهم يُضحّون بمصالحهم الخاصة، وحاجاتهم الماسّة في سبيل استرضاء المتفرجين عليهم والناظرين إليهم.


فنظرت اليه وقلت: يا شيخنا لكنا بشر من طين وأنفسنا بين الشر والخير فتهلل وجهه وقال:
النفس المختلة: تثير الفوضى في أحكم النُّظُم، و تستطيع النفاذ منه  إلى أغراضها الدنيئة. والنفس الكريمة: ترقع الفتوق في الأحوال المختلَّة، ويشرق نبلها من داخلها، فتحسن التصرّف والمسير وسط الأنواء والأعاصير.


يا شيخنا وما رأيك بمن تحكمه مصالحه الشخصية وأهواؤه ولا ينظر إلا بمنظور الذات فقط
فقال وقد هب القول قبل الكلام :
الأنانيون في كل مجتمع لعنةٌ ماحقة، تحترق في سعيرها الفضائل والمصالح، وتذوب في مرضاتها الأفراد والجماعات.


ولخص لي حال أولئك الأانانيين: الأنانيون عندما يسلّطون أفكارهم الضيقة على الذين يمسخون نصوصه، ويحرفون الكلم عن مواضعه، فهم يفهمونه ثواباً بلا عمل، وثمرةً بلا غرس، أو عقاباً يقع على الآخرين وحدهم، هيهات أن يمسّهم منه لفح.
يا بني: الإسلام في عالم النفس: جمالٌ ينفي القبح، ونظام يطرد الفوضى.


فسألت من فمي كلمات أن يا شيخنا قد كرهنا أولئك هل نظل نتحملهم؟! .. صحيح أننا بشر ويجب أن نعذرهم؟! فقال لي: هدء من روعك يا ولدي، ويجب أن نعلم: بأن اكتمال الخصائص الإنسانية الفاضلة لا يتم طفرة، ولا ينشأ اتفاقا، بل هو نتيجة سلسلة من الجهود المتلاحقة، والبرامج المدروسة، والإشراف الدقيق.

كتاب لا نعطيه حق الوصف.


للصديق محمود السعدي

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أي تعليق مسيئ أو يحوي على كلمات لا أخلاقية سيتم حذفه .. شكرا لكم