الجمعة، 11 نوفمبر 2011

مقابلتي مع الإعلامي سعيد أبو معلا


في هذه الأيام من المستحيل التعامل مع الإعلانات دون التعامل مع الطفل والمرأة، لأن هذه الفئة جزء من المجتمع الذي نحياه، ولكن هناك صورة خرافية تروج لها في العالم العربي والعالم النامي من التحرر الكبير الذي تتمتع به المرأة الأمريكية والغربية فهي صورة نمطية. وهذه المشكلة التي نواجهها أن الصورة التي تخلقها الإعلانات والمنتجون الغربيون هو إنتاج أفلام ولم نرى له واقعا حقيقياً.
لا شك أن بناء الفكر الحضاري في أي دولة ستتبع فيه الدولة الأضعف للدولة الأقوى، خاصة في الدول الاستعمارية ومستعمراتها السابقة، وهو ما أدى إلى إخفاء الإبداع، وبعدها أصبح التقليد لمجرد التقليد.
لذلك فإن الدور الجديد للدراما يجب أن يكون نموذجا جيدا للمرأة في المجتمع، فالدراما يجب أن تحرك الدوافع الكامنة لدى الإنسان لا أن تجعل من النموذج الأمثل حلم لا يمكن الوصول إليه.



الأسئلة :
1_ ما رأيك في استخدام الأطفال والنساء في الإعلانات ؟ بضوابط أو بدون ضوابط ؟
في هذه الأيام من المستحيل التعامل مع الإعلانات دون التعامل مع الطفل والمرأة، لأن هذه الفئة جزء من المجتمع الذي نحياه، فالإعلانات التي تظهر فيها المرأة يجب أن تعرض الصورة الحقيقية التي يظهرون عليها، لا أن تصبح سلعة للجذب وجعلها أداة من أدوات المعلنين الرخيصة التي تسعى إلى خلق الحاجات والنهم الكبير لدى المستهلك .
فظهور المرأة في البرامج ك(الدراما\ الفيديو كليب\ البرامج... إلخ) يؤدي إلى وجود صورة نمطية تظهر بها المرأة غير علمية وغير مدروسة. فالغالبية تعمل على إنتاج المرأة في صورة نمطية(قوية\ جميلة\ طويلة\ رشيقة ...) وكذلك في البرامج التي تقدمها النساء، وهذه البرامج النسائية هي في الغالب لا تعنى إلا بالمشاكل (وكأن النساء أصل البلاء)، ولا وجود لأنموذج جميل تستطيع المرأة الاقتداء به . هذا كله يؤدي إلى عدم وجود صورة حقيقية للمرأة التي عليها في الحياة العامة.


المرأة

2_ في الصورة العالمية للمرأة المتحررة تظهر المرأة بشكل مختلف عن العالم النامي . وفي أمريكا أظهرت الدراسات أن المرأة تظهر بنسبة 72% في أدوار المنزل وتهتم بمواهبها في الطهي وتتنافس مع النساء الأخريات، وتعتمد على نصائح الرجل في شراء المنتجات، وكذلك أظهرت الدراسات في أوروبا الغربية أن المرأة تستمد الرضا والسعادة من خلال الأعمال المنزلية ؟! كيف تبرر التناقض ؟
في الحقيقة الصورة الخرافية التي تروج إلى العالم العربي والعالم النامي من التحرر الكبير الذي تتمتع به المرأة الأمريكية والغربية والتي هي صورة نمطية، فكل ما نعلمه عن طبيعة الحياة الغربية هو ما تنتجه الأفلام التي تبث لنا.
إضافة لذلك فإن المرأة الغربية المعاصرة والتي يتباهى الكل بحريتها هي مصطنعة، فهذا التحرر لم يعرف له طريق إلا في بداية الخمسينيات عندما سمح للنساء بالتصويت في الانتخابات.
سيطرة المعلنين على المرأة من خلال استغلال الاعتقاد السائد لدى المرأة بأن الظهور التلفزيوني في عالم الإعلان والإعلام هو بالإنجاز الذي يرقى بها في المجتمع، على الرغم أن وجود المرأة في الإعلان هو أمر ضروري فالمرأة جزء من المجتمع ويجب أن تعكس دورها في الإعلان.
أعتقد بأن الدور الجديد للدراما يجب أن يقدم نموذجا جيدا للمرأة في المجتمع، فالدراما يجب أن تحرك الدوافع الكامنة لدى الإنسان لا أن تجعل من الأنموذج الأمثل حلم لا يمكن الوصول إليه، وهذه الدراما تختلف تباعا من دولة إلى دولة في عالمنا العربي فالمستوى المعيشي والفقر والأمية والعلاقات المجتمعية كلها تخدم إنتاج الأفضل لدور المرأة وتطلعاتها.

3_ هنالك الكثير من الدراسات التي أكد فيها المعلنون سواء في الشرق أو الغرب على أن استخدام المرأة يأتي في سياق الشكل الجمالي(الاستخدام الجنسي) من أجل جذب انتباه الجمهور؟ ما رأيك ؟!
الكل يعلم أن هذا النوع من الإعلانات هو السائد، لكن برأيي المشكلة الأكبر الآن هي استخدام الرموز في خيال الإنسان من أجل التحفيز الجنسي، فاستخدام الطرق الجنسية أصبح من أجل خلق حاجات لدى المستهلك.
أنا برأيي حتى الشكل الغير جميل أصبح الآن يستخدم للإغراء الجنسي للمستهلك. فاستغلال المرأة لا يعد مقتصرا على الجمال الطبيعي، فالجمال المصطنع في المرأة العاملة هو نوع من جذب الانتباه الجنسي الذي لا يدركه إلا عقل الإنسان اللاواعي. فاللعب على وتر الخيال لدى الإنسان يمثل امتيازا للمعلن فهو بذلك يكرس دور المرأة الحياتي في الطبيعة الجنسية في المجتمعات .
الأهم من هذا هو الدور الذي تلعبه الإعلانات، حيث تسعى لتكريس الصورة عن المرأة بأشكال مختلفة :-
1. التأكيد على أن تكون أدوار المرأة الحياتية مقتصرة على الدور المنزلي والمتمثل في(المطابخ ، والغسيل ، والستائر ، وقرارات الشراء اللا مفيدة).
2. التأكيد على المعاني المختفية في الإعلانات بأن المرأة لا تصلح لغير القضايا الجنسية.
3. استغلال الخوف والعاطفة النسائية، وأن الإعلانات تستطيع جذب النساء إلى اتخاذ القرار الصائب فيما يريدون. وهو يظهر في تمثيل الاهتمامات النسائية للقرارات الشرائية بالاختفاء تحت (القرارات السخيفة التي تخرب البيوت).

الطفل
4_ ما رأيك في الانتقاص الذي يحدث لحقوق الأطفال في الإعلانات وما الذي يجعل المعلن قوة ضغط على الأسرة بدلا من كون الأسرة حامية لحقوقه ؟
مهما أبدى الأهل تحفظهم على شروط العمل، إلا أن الذي يفرض شروطه هو المعلن، فالمعلن هو الذي يحدد شروطه في الإنتاج، والوقت، والمبلغ ...وغيرها، أما الأهل فتوجههم نحو تيار الكسب السريع، أو الرغبة في التباهي هو نوع من المتاعب التي يواجهها الأطفال في تمثيل الإعلان الذي يأخذ الكثير من الجهد من الأطفال ليظهر بالصورة التي عليها، فالطفل غير واعٍ وغير مدرك لما يفعل، والأسرة في هذه الحال تصبح أداة ضد الطفل بدل كونها حامية لحقوقه.

5_ من أهم النقاط التي تؤدي بالمعلن إلى استخدام الأطفال : عامل الأجر المنخفض مقارنة بالكبار . ألا يعد هذا الاستخدام نوعا من عمالة الأطفال ؟
أنا شخصيا أعتبر أن عمل الأطفال كافة في الإعلانات هو عمالة أطفال، فهذا الطفل لاواعٍ ولا يحدد نوع العمل ولا يعلم ما الذي يقوم به على العكس من الإنسان الواعي، فهذه المهمة هي مهمة الأهل فجميع الضغوط والظروف التي يوضع بها الأطفال هي غير طبيعية وهي تتنافى مع نفسية الطفل الذي يجب أن يحيا حياة طفولية كغيره.

6_ باعتقادك : ما الأسباب التي تؤدي بالمعلن العربي إلى محاكاة صورة المرأة والطفل في إعلاناته كالإعلانات الغربية ؟
لا شك أن بناء الفكر الحضاري في أي دولة ستتبع فيه الدولة الأضعف للدولة الأقوى، خاصة في الدول الاستعمارية ومستعمراتها السابقة، وهذا ما تجده جليا في التقليد الأعمى في(تونس لفرنسا\ مصر لبريطانيا\ ليبيا لإيطاليا ...وغيرها من الدول العربية). وهو ما أدى إلى إخفاء الإبداع، وبعدها أصبح التقليد لمجرد التقليد.
ما تفسيرك لعدم وجود الإبداع الإعلاني لدى المعلنين ؟
أ_ عدم وجود ثقة بالنفس لدى المعلنين(المنتجين).
ب_ ضعف السوق العربي من تمويل، ومبدعين وإدارات قوية تسعى إلى إنتاج الأفضل، فعدم الرغبة في الإبداع هو نابع من الهدف الأسمى للمعلنين وهو الربح.
ج_ السياسات الإعلانية التي لا تسمح بدخول الإبداع كنوع من محاولات التغيير في سياسات المؤسسة.
لنقل بشكل آخر أن جل المعلنين المتواجدين في البلدان العربية يحملون الفكر الليبرالي ويسعون لتكريس المفهوم الغربي .
فهذا ما نستطيع أن نسميه بالسحر الغربي في الإعلانات فالتقديم والعرض للإعلان(الليبرالي) يأتي بشكل مستمر ومتتابع ومن خلال جرعات بسيطة أدت على تكريس المفهوم الغربي عن الإعلانات في العالم العربي وهو ما يكون أشبه بتوصيف السحر الإعلاني.

7_ في السياسات الإعلانية تجاه الجمهور الفلسطيني، تختلف صورة المرأة في الإعلان من مدينة إلى أخرى، أي أن نفس الإعلان تظهر فيه المرأة بالصورة العصرية في(رام الله)، وتظهر فيه المرأة محافظة في(جنين)، وتظهر فيه محتشمة في(الخليل) ؟ تحليلك .
صحيح أن الهدف الأسمى للإعلان هو الربح، وهو يتغير في الوسيلة(فالغاية تبرر الوسيلة)، والوصول إلى كافة الشرائح يزيد الربح، فتقديم النموذج الأمثل في كل مدينة هو من أجل (اصطياد) كل بيئة على حدا.
فالدخول إلى المرأة المتدينة هو من أجل خلق الحاجات لها، وجعلها تقبل على الإنفاق يؤدي للزيادة في الأرباح.
فشخصيا : كنت أرى الكثير من هذه الأمثلة عندما كنت في القاهرة، فكنت أرى الإعلان النسائي الغير أخلاقي في الحي الغني(شارع جامعة الدول العربية مثلا)، على العكس منه تماما ترى نفس الإعلان في الشوارع الفقيرة وترى اللعب فيه عن طريق الكمبيوتر.




0 التعليقات:

إرسال تعليق

أي تعليق مسيئ أو يحوي على كلمات لا أخلاقية سيتم حذفه .. شكرا لكم